السؤال الذي قد يكون مصدرًا للحيرة هو ” كم نسبة الصدقة من المال؟” فمن المتعارف عليه أن الصدقة من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه لأنها ببساطة تنعكس بطريقة إيجابية على حياته وأمواله، كما أنها تساعد الغير وهذا الأمر من أكثر الأشياء المحببة لله.
لذلك من الضروري معرفة النسبة التي يمكنك التصدق بها من مالك أو راتبك حتى نساعدك في القيام بأمر محبب لله، وسنوضح لك أيضًا كيفية حساب ما يجب عليك إخراجه من مالك سواء كان زكاة مفروضة أو صدقة مستحبة.
ما هي الصدقة في الإسلام؟
ببساطة، الصدقة في الإسلام هي عبارة عن تقديم أي مساعدة للفقراء والمساكين والمحتاجين، ولا يقتصر الأمر على المال فقط كما يعتقد البعض، بل يمكن أن يكون على شكل طعام، كساء، كلمة طيبة، أو حتى ابتسامة في وجه أخيك، كل هذه الطرق تعتبر من الصدقة. مما سبق ستجد أن جوهر الصدقة يكمن في العطاء دون انتظار مقابل من البشر، ويكون القصد منها هو أخذ الأجر من الخالق، لذلك تعتبر من الأعمال التطوعية التي حث عليها الإسلام بشتى صورها المختلفة. وقد يختلط الأمر على البعض ولا يعلمون الفرق بين الزكاة والصدقة، فالزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهي فرض محدد بشروط وأوقات معينة، أما الصدقة، فهي أعم وأشمل، فهي تطوعية في الأصل، ولا تُقيد بشروط أو وقت معين. هذا يوضح الإجابة على سؤال آخر وهو هل الصدقة فرض؟، فالصدقة بمعناها العام ليست فرضاً ملزماً كالصلاة والصيام، بل هي عمل مستحب عظيم الأجر، وإن كانت هناك بعض الصدقات الواجبة مثل صدقة الفطر في نهاية رمضان.
هل هناك نسبة محددة للصدقة من المال؟ نسبة الصدقة من المال
لعل هذا هو السؤال الأهم الذي يشغل بال الكثيرين: هل الصدقة لها نسبة محددة؟ كم نسبة الصدقة من الراتب الشهري؟ والإجابة الواضحة هي: لا، ليس هناك نسبة محددة للصدقة من المال في الإسلام لأنها ببساطة لا تُقيد بحد أدنى أو أقصى، ولا بنسبة مئوية معينة من دخلك أو أموالك. بخلاف الزكاة التي حدد الشرع لها نسبة 2.5% على المال المدخر، وهذا الأمر لن تجده في الصدقة لأنك ببساطة يمكنك التصدق بأي شكل تريده وبأي مبلغ متوفر معك، فالأمر بأكمله يعود إليك. وإذا كنت ترغب في وضع أسس ونسب معينة لنفسك، يمكننا مساعدتك في مشاركة بعض الأفكار معك، لعل من أبرزها تخصيص نسبة معينة من راتبك شهريًا كعادة حسنة، مثل 5% أو 10% أو حتى 1%، فالمداومة على القليل خير من الانقطاع عن الكثير. الأهم من معرفة ما هي نسبة الصدقة من الراتب هي خطوة إخلاص النية لله تعالى وأن يكون المال من كسب حلال، هذا هو ما يطلبه الله منك.اقرأ أيضًا: فضل الصدقة في دفع البلاء
متى تكون الصدقة أكثر ثوابًا؟ أفضل الأوقات لزيادة أجرك
على الرغم من أن الصدقة لا تتقيد بوقت محدد، إلا أن هناك أوقاتًا معينة يكون فيها الأجر والثواب مضاعفًا، مما يجعلها فرصة رائعة لتعظيم نسبة الصدقة من المال الذي تجود به:- في الأوقات الفاضلة مثل شهر رمضان المبارك، وعشر ذي الحجة، ويوم عرفة، وليلة القدر، فالصدقة في هذه الأوقات تضاعف الأجور بشكل كبير.
- التصدق وقت الشدة والحاجة للمتصدق أو للمتصدق عليه يكون له أثر عظيم وثواب كبير.
- الصدقة الخفية التي لا يعلم بها إلا الله والفاعل والمتصدق عليه، تُعد من أفضل أنواع الصدقات وتدل على الإخلاص.
- إخراج الصدقة بنية دفع البلاء أو الشفاء من مرض، له فضل عظيم كما ورد في الأحاديث النبوية.
- الصدقة من مكفرات الذنوب، فإذا أذنبت فأتبع ذنبك بصدقة.
- المحافظة على صدقة يومية ولو بمبلغ يسير، لها أثر عظيم في البركة وتفتح أبواب الخير.
كيف تبدأ في التصدق؟ دليل خطوة بخطوة للتصدق بشكل صحيح
لا توجد شروط أو أساسيات للصدقة، بل هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها إذا أردت أن تكون الصدقة صافية، وفي الخطوات التالية سنساعدك في تحقيق ذلك:- ابدأ بنية خالصة لله تعالى، واعلم أن كل ما تنفقه يعود إليك أضعافًا مضاعفة في الدنيا والآخرة.
- تأكد أنك قد أديت الزكاة المفروضة عليك أولاً، بعد ذلك، ابدأ في التصدق تطوعًا وتذكر أن نسبة الصدقة من المال هنا غير محددة.
- ابدأ ولو بالقليل فلا تنظر إلى أي مبلغ على أنه قليل للغاية، واجعل لنفسك حصة يومية أو أسبوعية أو شهرية للصدقة، الأهم في هذه الخطوة هو الاستمرارية.
- ابحث عن الجمعيات الخيرية الموثوقة، أو الأفراد المحتاجين الذين تعرفهم، أو الأيتام، أو طلبة العلم.
- تصدق من أحب أموالك: كما جاء في القرآن الكريم: “لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ”، التصدق من المال الذي تحبه ويحبسه قلبك له ثواب عظيم.
- لا تتبع صدقتك بالمن والأذى والتباهي.
هل تختلف نسبة الصدقة من المال المدخر عن الصدقة من الراتب الشهري؟
قد تجد بعض الاختلافات بين نسبة الصدقة من الراتب و نسبة الصدقة من المال العام المدخر فقد يختار البعض التفرقة بينهما من خلال إخراج الصدقة من الراتب بشمل دوري ومنتظم، حيث يخصص الشخص نسبة معينة من دخله الشهري للإنفاق في وجوه الخير. أما الصدقة من المال العام المدخر فهي غالبًا غير منتظمة وتُخرج عند توفر فائض من المال أو عند وجود حاجة ملحة للمستحقين وترغب في الحصول على بركة من هذا المال وتقديمه للمحتاج. وفي كل الأحوال تبقى الصدقة عملاً تطوعيًا خالصًا لا يرتبط بنسبة محددة، بخلاف الزكاة المفروضة التي حُددت نسبتها بـ 2.5%.نصائح مهمة للمتصدقين: كيف تعظم أجر صدقتك وتحقق أكبر استفادة
أجر الصدقة عظيم دون فعل أي شيء، وباتباع الخطوات السابقة ستكون قد وصلت صدقتك إلى الأشخاص الصحيحة، ولكن هناك بعض النصائح التي قد تساعدك في جعل الصدقة عادة مستمرة لديك.- الصدقة الجارية: فكّر في الصدقات التي يستمر أجرها بعد وفاتك، مثل بناء مسجد، حفر بئر، طباعة مصحف، كفالة يتيم، أو المساهمة في تعليم طالب علم.
- الإكثار من الدعاء عند التصدق: ادعُ الله أن يتقبل منك صدقتك، وأن يبارك لك في مالك، وأن يجعلها سبباً في رفع البلاء عنك.
- اختر الأقرباء المحتاجين: إذا كان لديك أقارب محتاجون، فالتصدق عليهم أولى وأعظم أجراً، ففيه أجر الصدقة وصلة الرحم.
