حين يفارق الإنسان الحياة، ينقطع عمله، لكنه لا يُحرم من الخير، فقد جعل الله الصدقة بابًا يمتد أجره حتى بعد الوفاة، فرحمة الله أوسع، وفضله أعظم …
والصدقة للميت من أعظم ما يُهدى للمتوفى، فهي تصل إليه، وتخفف عنه، وترفع درجته عند الله.
ولأن الإسلام دين الرحمة، جاءت الأحاديث النبوية تؤكد على فضل الصدقة للميت لأن الله يريد أن يرحم عبادة…
في هذا المقال، سنتعرف على فضل الصدقة عن الميت، أنواعها، أفضل أوقاتها، وآراء العلماء حولها، لنكون على بينة من أعظم أعمال البر التي يمكننا تقديمها لأحبابنا الذين سبقونا إلى الدار الآخرة.
فضل الصدقة للميت
عندما يفارق المسلم دنياه، ينقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
فقد ثبت في الأحاديث النبوية أن الصدقة تنفع الميت، كما في حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه عندما سأل النبي ﷺ: “يا رسول الله، إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟” فقال النبي ﷺ: “نعم” .
لذا، فإن التصدق عن الميت يُعتبر عمل صالح وإحسان يصل نفعه وفضله إلى الميت ويؤجر عليه المتصدق أيضًا.
الآراء حول حكم الصدقة عن الميت
اتفق العلماء على جواز الصدقة عن الميت، وأنها تصل إليه وتنفعه، لكن هناك تفصيل في بعض المسائل المتعلقة بها، وفقًا للمذاهب الأربعة:
- رأي الحنفية والحنابلة
قالوا إن كل أنواع الصدقة تصل إلى الميت، سواء كانت صدقة مالية، أو سقي ماء، أو بناء مسجد، أو غيرها من الأعمال الصالحة التي يهدى ثوابها له.
- رأي المالكية
قالوا إن الصدقة تصل إلى الميت بشرط أن ينوي المتصدق أن يكون ثوابها للميت.
- رأي الشافعية
اتفق الشافعية مع الجمهور على أن الصدقة تصل إلى الميت، لكنهم قالوا إن بعض العبادات الأخرى، كقراءة القرآن، لا يصل ثوابها للميت إلا بالدعاء له بعد قراءتها.
- استدلوا بأن النبي ﷺ لم يُنقل عنه أنه قرأ القرآن وأهدى ثوابه لأحد من الصحابة المتوفين، لكن الدعاء لهم والصدقة عنهم ثبتت في السنة.
حكم التصدق عن الميت عند العلماء المعاصرين
أغلب العلماء المعاصرين قالوا بأن الصدقة عن الميت جائزة ومستحبة، بل هي من أفضل ما يمكن أن يُهدى له.
فتاوى كبار العلماء في العصر الحديث
- اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية: أكدت أن الصدقة عن الميت جائزة ومستحبة، وأفضلها الصدقة الجارية، كحفر بئر أو بناء مسجد.
- الشيخ ابن باز رحمه الله: قال إن الصدقة عن الميت تصل إليه، وهذا بإجماع أهل السنة والجماعة.
- الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: أفتى بأن التصدق عن الميت جائز، ويصل ثوابه إليه، وهو من البر والإحسان إلى ميت بعد وفاته.
كيفية نية التصدق عن الميت
النية في الصدقة عن الميت أمر بسيط، وهي عمل قلبي، لا يشترط التلفظ بها.
يكفي أن تستحضر في قلبك أنك تتصدق عن الميت، سواء كان قريبًا أو صديقًا أو أي شخص آخر، وتدعو الله أن يجعل ثوابها له.
حيث قال النبي ﷺ: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى” (رواه البخاري ومسلم).
كيفية إخراج الصدقة عن الميت – نصائح
قد وردت في السنة النبوية دلائل على وصول ثواب الصدقة للميت، فكيف نؤديها بالشكل الصحيح؟
- الإخلاص في النية
قبل أن تتصدق، اجعل نيتك خالصة لوجه الله تعالى، وانوِ أن يكون ثوابها لمن تُريد إيصال الأجر إليه، فالأعمال بالنيات، كما قال النبي ﷺ: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى” (متفق عليه).
-
أنواع الصدقة عن الميت
أولًا: الصدقة بالمال للميت
التبرع للمستشفيات أو الجمعيات الخيرية أو دور الأيتام للمساهمة في علاج المرضى أو إطعام الجائعين أو توفير مأوى للمحتاجين، بنية إعطاء الثواب للميت.
ثانيًا: الصدقة الجارية (أبقى أثرًا وأعظم أجرًا)
وهذه من الصدقات التي يستمر أجرها بعد وفاة الإنسان، كما قال النبي ﷺ:
“إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له” (رواه مسلم).
تعرف الآن على أفضل أنواع الصدقات الجارية للميت!
ثالثًا: الصدقة العينية
- إطعام الطعام للفقراء أو تفطير الصائمين في رمضان.
- إهداء الملابس أو البطانيات للمحتاجين.
- شراء كراسي متحركة أو أدوات طبية للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.
- تقديم الصدقة في أوقات مباركة
رغم أن الصدقة تصل للميت في أي وقت، إلا أن هناك أوقاتًا يُستحب التصدق فيها لمضاعفة الأجر، مثل:
- الصدقة في العشر الأواخر من رمضان.
- يوم عرفة.
- الأيام العشر من ذي الحجة.