في ليلة باردة، خرج رجل بسيط يحمل كيسًا مليئًا بالطعام، ووضعه بهدوء أمام باب منزل عائلة فقيرة.
لم يطرق الباب ولم ينتظر الشكر، فقط ابتسم ورحل.
في صباح اليوم التالي، رفعت الأم يديها للسماء تدعو لمن أزال عنها همّ الجوع.
تلك هي صدقة السر، التي لا ينتظر صاحبها مقابلاً، لكنه يكسب بركة لا توصف.
كيف تكون الصدقة في السر؟
صدقة السر عندما يتصدق الإنسان دون أن يعلم أحد بالصدقة، بحيث تكون بينك وبين الله فقط …
وهي من أعظم أنواع الصدقات، لأنها أقرب للإخلاص وأبعد عن الرياء، وحب النفس والشهرة.
أمثلة:
- يمكنك وضع المال في حسابات الجمعيات الخيرية أو صناديق التبرعات دون ذكر اسمك.
- تحويل الأموال إلكترونيًا لمشاريع خيرية دون الإفصاح عن هويتك.
تعرف الآن على افضل انواع الصدقات الجارية!
فوائد صدقة السر
البعد عن الرياء وإخلاص النية لله تعالى من أهم فوائد صدقة السر.
- تحقيق الإخلاص والبعد عن الرياء: إخفاء الصدقة = إخلاص النية لله وحده، ويجنب المتصدق الوقوع في الرياء والسمعة.
الحماية من حر يوم القيامة: ورد في الحديث الصحيح أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: “ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه” - تكفير الذنوب والخطايا: الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وإخفاؤها يزيد من أثرها في تكفير الذنوب. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
- دفع البلاء والمصائب: سبب في دفع البلاء عن المتصدق: من المصائب، والأمراض. قال النبي صلى الله عليه وسلم ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء )
- زيادة البركة في المال: ما نقص مال من صدقة، كما قال النبي صلى عليه وسلم.
تعرف الآن على طريقة عمل صدقة جارية باسم شخص
حديث عن الصدقة في السر
وردت عدة أحاديث نبوية تُبرز فضل هذا النوع من الصدقة.
منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر سبعة يُظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم: “ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”.
كما جاء في حديث آخر: “صدقة السر تطفئ غضب الرب”.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “صلة الرحم تزيد في العمر، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصنائع المعروف تقي مصارع السوء”،
ماذا يقول القرآن عن صدقة السر؟
يحث القرآن الكريم على الصدقة ويبيّن فضل إخفائها …
يقول الله تعالى: “إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ” [البقرة: 271].
التفسير:
إظهار الصدقة أمر حسن، ولكن إخفاءها وإعطاؤها للفقراء أفضل، لأنه أبعد عن الرياء وأقرب إلى الإخلاص، ومكفرًا للسيئات.
كما يقول تعالى: “الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” [البقرة: 274].
التفسير:
أن الذين ينفقون أموالهم في مختلف الأوقات، سرًا وعلانية، لهم أجرهم عند الله، ولن يشعروا بالخوف أو الحزن مثل الشهداء.
قصص عن صدقة السر
الإمام الصادق وصدقة الليل:
كان الإمام جعفر الصادق عليه السلام يخرج ليلاً حاملاً جرابًا من الخبز، ويوزعه سرًا على الفقراء الذين ينامون في ظلة بني ساعدة، وكان يقوم بذلك دون علم أحد، حتى أن بعض الفقراء كانوا يتعجبون ويتساءلون من صاحب الصدقة.
يُذكر في بعض التفاسير أن آية ( 274 البقرة ) التي ذكرناها في الأعلى، نزلت في شأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه …
حيث كان يملك أربعة دراهم، فتصدّق بواحد ليلاً، وبآخر نهارًا، وبثالث سرًا، وبالرابع علانية.
كما يُروى أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، الذي أنفق أربعين ألف دينار، مقسمة بالتساوي بين الليل والنهار – والسر والعلانية.
ما الفرق بين صدقة السر وصدقة العلانية؟
صدقة السر: هي التبرع بالمال أو تقديم المساعدة دون علم الآخرين، بحيث يكون العمل خالصًا لوجه الله، بعيدًا عن الرياء.
صدقة العلانية: هي التبرع أو المساعدة بشكل علني أمام الناس.
أيهما أفضل صدقة السر أم العلن
الأفضلية بينهما تعتمد على نية المتصدق والموقف الذي يكون فيه المتصدق.
فالعبادة عمومًا لو سيترتب عليها مشقة حينها في حال السر = فاعلم هنا أن صدقة السر أعلى وأفضل…
وإن كانت الصدقة في العلن سيترتب عليها نوع من الأذى، أو المشقة = اعلم أن صدقة العلن هنا أفضل!
ولا تنسى قول الله تعالى:
“وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ” [البقرة: 271].
ومع ذلك، قد يكون إظهار الصدقة أفضل إذا كان فيه تشجيع للآخرين على التصدق، بشرط سلامة النية من الرياء.
قال ابن كثير: “إسرار الصدقة أفضل… إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به فيكون أفضل من هذه الحيثية”
تبرع الآن بالمساهمة في مشروع وقف النخيل الخيري